تحميل كتاب يوميات نائب في الأرياف PDF
4
تحميل
39
قراءة
156
صفحة
3.69 MB
حجم الملف
1937
سنة النشر
نبذة عن الكتاب
ملخص الكتاب
تتصاعد الأحداث وتتشابك خيوط الرواية عندما تقع الجريمة المحورية، وهي إصابة الفلاحة الحسناء "ريم" بطلق ناري مجهول المصدر، وريم ليست مجرد ضحية عادية بل هي رمز للجمال والبراءة في هذا الوسط الخشن، والمثير للدهشة هو صمت ريم المطبق ورفضها الإفصاح عن هوية الجاني رغم أنها كانت واعية في لحظاتها الأخيرة، وهذا الصمت يفتح الباب أمام تكهنات عديدة ويضع وكيل النيابة في حيرة شديدة، إذ يجد نفسه يطار أشباحاً في قضية يرفض أطرافها التعاون مع العدالة الرسمية لأنهم يؤمنون بنوع آخر من العدالة، إما عدالة الثأر أو عدالة الستر، ومن خلال التحقيق في هذه القضية نغوص في تفاصيل المجتمع الريفي، فنلتقي بشخصية المأمور، وهو رجل أمن ذو خبرة ولكنه يؤمن بأن الحقيقة ليست هي الهدف، بل الهدف هو "استيفاء الأوراق" وإغلاق القضايا بشكل يرضي الرؤساء في العاصمة، فالمأمور يمثل السلطة التنفيذية التي كيفت نفسها مع الواقع بالتلفيق تارة وبالتراضي تارة أخرى، بعيداً عن مثاليات القانون.
يأخذنا توفيق الحكيم في جولة داخل أروقة المحاكم الريفية، حيث يصور لنا مشهد القاضي القادم من المدينة، والذي ينظر إلى القضايا بملل وضجر، مستعجلاً إصدار الأحكام ليلحق بقطار العودة إلى القاهرة، فتصدر الأحكام "بالغرامة خمسين قرشاً" أو "الحبس أسبوعاً" بسرعة آلية دون النظر في ملابسات القضايا أو ظروف المتهمين الإنسانية، وهنا تتجلى عبقرية الحكيم في نقد النظام القضائي الذي تحول إلى آلة صماء تطحن الفقراء، فالقاضي لا يرى أمامه بشراً من لحم ودم، بل يرى أرقاماً ومواد قانونية، بينما المتهمون يقفون في القفص لا يفهمون ما يقال لهم، وينطقون بكلمات الحضور والإنكار بتلقين من الحجاب والمحامين دون وعي.
وبالعودة إلى قضية ريم، تتشعب التحقيقات لتكشف عن فساد أعمق، حيث يظهر "الشيخ عصفور"، وهو شخصية درويشة غامضة يدعي الجنون ولكنه يلمح بالحقائق في عبارات مسجوعة غامضة، يمثل الشيخ عصفور الحكمة الشعبية أو الضمير المستتر للقرية الذي يرى ما لا تراه عيون الحكومة، ورغم تلميحاته يظل القانون عاجزاً عن إثبات التهمة، وفي خضم البحث عن الجاني، تتفرع قصص جانبية تزيد المشهد قتامة وثراء، مثل قصة الانتخابات وتزويرها، حيث يتم التلاعب بصناديق الاقتراع وإلقاؤها في الترعة أو ملؤها بأصوات الموتى والغائبين لصالح مرشح الحكومة، مما يعكس فساد الحياة السياسية في تلك الحقبة وغياب الديمقراطية الحقيقية.
يسلط الكاتب الضوء أيضاً على معاناة الفلاح مع المرض، خاصة "البلهارسيا" التي تنهش أجسادهم وتجعلهم خاملين مستسلمين لأقدارهم، ويربط بين هذا المرض الجسدي والمرض الاجتماعي المتمثل في الفقر والجهل، وكيف أن الحكومة تهتم بتحصيل الضرائب ومعاقبة المخالفين أكثر من اهتمامها بصحة المواطن وتعليمه، وتبرز الرواية أن الجريمة في الريف ليست دائماً نابعة من نزعة إجرامية شريرة، بل هي في كثير من الأحيان نتاج للظروف القاسية، فالسرقة قد تكون بسبب الجوع، والقتل قد يكون دفاعاً عن الشرف بمفهومه العرفي، ولكن القانون "الأفندي" لا يعترف بهذه الدوافع ولا يفرق بينها.
تنتهي الرواية نهاية مأساوية وواقعية في آن واحد، حيث تموت ريم متأثرة بجراحها وتدفن معها سرها، ويضطر وكيل النيابة تحت ضغط الروتين وكثرة القضايا المتراكمة إلى حفظ القضية وتقييدها "ضد مجهول"، وبهذا تنتصر البيروقراطية على الحقيقة، ويتحول مقتل ريم إلى مجرد ملف آخر يوضع في الأرشيف ليعلوه التراب، وفي المشهد الختامي نرى وكيل النيابة وقد بدأ يفقد حماسه المثالي، مستسلماً لطاحونة العمل اليومي، مدركاً أن دوره ليس إقامة العدل المطلق، بل إدارة دولاب العمل الحكومي، ليترك القارئ مع تساؤلات وجودية عميقة حول جدوى القوانين إذا لم تكن نابعة من ضمير المجتمع وواقعه، وحول مصير الإنسان البسيط الذي يضيع حقه بين مطرقة الفقر وسندان الإهمال الحكومي، لتظل "يوميات نائب في الأرياف" صرخة أدبية مدوية في وجه الظلم والفساد الإداري، ووثيقة إنسانية خالدة تتجاوز حدود الزمان والمكان.
اقتباسات من الكتاب
المجرم الحقيقي لم يقع بعد ولعله لن يقع أبدا في قبضة ذلك القانون الوضعي العقيم
إن القانون سيف لا يقطع إلا في يد الجلاد
نحن هنا لا نبحث عن الحقيقة نحن نبحث عن الذي ينطبق عليه القانون
عن المؤلف
مساعد المكتبة الذكي
اسألني أي شيء عن هذا الكتاب!
المراجعات والتقييمات
يجب تسجيل الدخول لإضافة تقييم
تسجيل الدخولAyman Pega
@aymanpega665
ممتاز
منذ 1 يوم
كتب زد
@kutubzed
منذ 2 يوم
Mohamed Mostafa
@mohamedmostafa
كتاب جميل ومميز
منذ 2 يوم
إشعار قانوني
هذا الكتاب متاح كملكية عامة أو مسموح باستخدامه قانونياً. إذا كنت تعتقد أن هناك مشكلة في حقوق النشر، يرجى الإبلاغ عنها.